الحركة الكشفية حركة تربوية هادفة تعني بالأجيال وترشدها إلى الطريق السليم وتصونها من الانحراف وتهيئها لمستقبل أفضل وغد مشرق وحيث أن أخلاق الفرد وسلوكه له أهمية قصوى .. فإن الحركة الكشفية تعتبر المعيار الذي يحكم به والمقياس الذي يقاس عليه . فلذلك كانت الحركة الكشفية لها عناية مثلى بتربية أبنائها والعناية بأخلاقهم فقد قال رسول الله r يحث على الأخلاق
" إن أحبكم إلَّى مجلسًا وأقربكم مني يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً".
ومن خلال موضوعنا هذا فإننا نحاول أن ندخل إلى دور الحركة الكشفية في سبيل تربية النشئ .
فأرجو أن أكون قد أسهمت ولو بالقدر اليسير في التعريف بدور الحركة في عملية التربية .
ومن الله التوفيق
الحركة الكشفية ودورها في تربية النشئ
هناك العديد من العناوين الضخمة التي يجب أن نضعها في هامش الورقة عند بداية كتاباتنا ، حتى نتعرف على الطريق الذي نسير فيه والأهداف التي نحاول أن نصل إليها ... - هذه وجهة نظر -.
إن رسم الخطط وترتيب الأولويات في دراساتنا وأبحاثنا هي الوسيلة التي نستطيع أن نحقق بها أهدافنا وغاياتنا وفي هذه الورقة التي نحاول من خلالها تسليط جانب من الضوء على الحركة الكشفية ودورها في تربية النشئ نحاول أن نجد الطريق الصحيح الذي نسلكه لأنه وبكل تأكيد لابد لأي عمل نقوم به من وسيلة نصل بها إلى تحقيق هذا العمل أو بالأحرى تحقيق الغايات المنشودة ... ولكي تكون وسيلتنا صحيحة يجب أن نحدد الغايات والأهداف المطلوبة وعندما نتكلم هنا عن دور الحركة الكشفية في تربية النشئ ... إذًا فإننا يجب أن نعطى تعريفًا ولو مبسطًا عن ما نحن بصدده فإذا كان الهدف هو توضيح دور الحركة الكشفية في تربية النشئ ... فما المقصود إذًا من هذه التربية ؟ أو ما هي الغاية المطلوبة منها ؟ ... لذا يمكننا القول بأن الغاية النهائية لأي تربية هي مساعدة الإنسان على تنمية قدراته ومواهبه لتحقيق التغيير المطلوب والمرغوب في سلوكه ومن ثم إعداده إعدادًا صحيحًا لحياة كريمة ناجحة ... إن كان هذا هو الهدف السامي والشريف وهو الذي يتطلبه مجتمع يسعى إلى الرقي والكمال ، ويصل إلى ذروة السعادة فلابد من أن تكون الوسيلة سامية وراقية كرقي الهدف المطلوب.
ولما أن كانت هناك العديد من المؤسسات داخل المجتمع تقوم بالتوجيه والإرشاد " ابتدءًا من الأسرة إلى المدرسة يتخلل بينهما المراكز الرياضية والجمعيات الشبابية والعلمية والثقافية باختلاف مسمياتها وباختلاف أساليبها في تحقيق الأهداف السامية للتربية كل هذا قد جعل رب الأسرة حائر في المسلك الذي يجب أن يساعد أبناءه على سلوكه والطريق الذي يتخذوه في سبيل تحقيق المثل والقيم العليا فشخصية الأب التقليدية وإلى درجة كبيرة فهو قد ربى أبناءه على الأيمان واحترام الآخرين ولعل السامع يسمعه وهو يوصى أبناءه باحترام الذات والتي مصدرها احترام الغير وكأنه يقول لهم – حب لأخيك ما تحب لنفسك – وهو يعرف مقدار الشعور بالحرج وهو يفكر إذا ما أساء أحد أبناءه إلى أحد – وبدون قصد طبعًا – كم من الإحراج سيكون فيه فبالتأكيد ستظهر عليه الكآبة والأسى بل ويزدري نفسه أحيانًا من العار الذي يشعر بأنه لحق به وهو يفكر مليًا بالوضع الذي يكون عليه بين أصدقائه ومعارفه الذين عرفوا سيرته الذاتية ومقدار تعلقه بالأهداف النبيلة والأفكار الملتزمة والمتحضرة ... ماذا سيفعل بنفسه وهو الذي يعيش بينهم ويستنشق الهواء الذي يستنشقون ويشرب معهم من نفس مصدر الماء وتلفح وجهه أشعة الشمس التي تلفح وجوههم كل هذا وهو يعيش خاطرًا فقط فكيف لو عاشه واقعًا ... إن مشكلة التربية التي يعانيها الجميع لا يمكن أن تأخذ طريقها الصحيح والسليم إلا إذا تكاثفت الجهود وإذا كان اختيارنا صحيحًا وموفقًا ... فكما أشرنا سابقًا إلى الأسرة والمدرسة بأنهما يمثلان دعامتين أساسيين في عملية التربية إلا أنه لابد من اختيار دعامة ثالثة لتغطية الفجوة المتبقية وهنا يبرز دور الحركات الشبابية وفي اعتقادي وبدون تحيز بأن الحركة الكشفية تمثل الذروة التي لا علو فوقها في أسلوبها النشط في تربية النشئ.
فمن خلال استطلاعنا للتاريخ الطويل للحركة الكشفية من تأسيسها عام 1954 واستمرار نظالها عبر السنين يؤكد وبشكل ملحوظ مدى مصداقية هذه الحركة في توجهها ومدى الإيمان العميق في نفوس منتسيبيها بما تقدمه من أفكار ومساهمات في خدمة المجتمع وبناء أجيال عظيمة من الشباب مؤمنة بأهمية أركان الحركة الكشفية التربوية والتي تهيئ الفرص أمامهم في سبيل الاكتشاف الذاتي للميول والاستعداد لتنمية المهارات والدفع بهم نحو الأخذ بزمام المبادرة للتجديد والابتكار بل وتدفعهم إلى التفكير الناضج في الاستهلاك والادخار بما يعود بالنفع عليهم وعلى أسرهم – الجزء الصغير من مجتمعهم الكبير – ولعل من أهم ميزاتها ( أي الحركة الكشفية ) أنها تدعو بدعوة تعاليم السماء وتتخذ من الوسطية والاعتدال في برامجها ما يجعلها تكون ناضجة وتعبر تعبيرًا صادقًا عن رغبات منتسبيها فهي تجعل من تعاليم الدين مجالاً واسعًا تدعو بذلك لما يدعو إليه من الفضيلة والرقى بالنفس وحب الآخرين وطاعة أولى الأمر ومد يدالعون والاستعلاء عن الرذيلة والموبقات.
كما تدعوا إلى روح القومية وحب الوطن الذي هو من الإيمان فتسموا كلما ارتفعت ورقت السمات النقية داخل المجتمع بل وإنها تحارب الرذائل والفساد ... وتجعل من منتسبها رجلاً مهما اختلفت الأعمار فيتحمل بذلك مسئولية العهد الأزلي الذي عاهد الله عليه من إيمان وتبعية وخلافة في الأرض وتحمل أمانة التكليف الشرعية بحيث ينظم ويطوع نوازعه وهوى نفسه ورغباتها لتنسجم مع الكيان الطبيعي الذي يعيش فيه وهو المجتمع بحيث يكون حريصًا على إحياء القيم والعادات والتقاليد العظيمة فينتمي بذلك إلى الجماعة مع حرصه التام على المحافظة على شخصيته المستقلة فإذا التزم التزامًا تامًا بهذه المعطيات كان عهد الكشاف ديدنه وكانت شريعة الكشاف طريقه الذي يبنى شخصيته وبذلك يرقى إلى عالم السمو الخالي من الرذائل وبذلك يتم تحقيق الأهداف والغايات المطلوبة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته